من الاحتجاجات إلى أعمال الشغب.. ما العمل؟ / محمد الأمين ولد الفاضل

تابعتُ خلال الأسابيع الأخيرة، وبشيء من التأمل، أعمال شغب ونهب واسعة للأملاك العامة والخاصة في ثلاث دول، وهي على التوالي: موريتانيا ـ السنغال ـ فرنسا.
أعمال الشغب والنهب هذه جاءت بعد أحداث معروفة، ففي موريتانيا جاءت بعد وفاة “عمار جوب” من بعد توقيفه من طرف مفوضية الشرطة رقم 1 في السبخة، وفي السنغال جاءت من بعد الحكم على المعارض السنغالي “عثمان سونكو” بالسجن لسنتين نافذتين، وفي فرنسا جاءت من بعد أن أطلق شرطي رصاصة قاتلة على الشاب أو المراهق “وائل”.
كان من المتوقع بعد هذه الأحداث أن تنطلق احتجاجات سلمية أو عنيفة ترفع مطالب محددة وواضحة، ولكن ما شاهدنا بعد تلك الأحداث لم تكن له أي صلة بالاحتجاجات، سلمية كانت أو عنيفة، لم نشاهد إلا عمليات السرقة والنهب وإشعال النيران في الأملاك العامة والخاصة.
لم نشاهد خلال كل أعمال الشغب تلك لافتة واحدة تتضمن مطالب المحتجين، إلا فيما ندر. لم نشاهد شعارات مرفوعة، ولا صور من يُقال بأن تلك الاحتجاجات انطلقت للتضامن معهم، ولم يظهر في تلك الاحتجاجات من يمكن أن يُصنف بأنه من المهتمين بالشأن العام.
في أعمال الشغب تلك غابت المطالب والشعارات وحضرت عمليات السرقة والنهب، وفي أعمال الشغب تلك غاب السياسيون والمهتمون بالشأن العام حتى وإن كان بعضهم قد حاول أن يلعب دور المحرض، وحضر المراهقون والشباب بكثرة، وحتى الشباب الذي حضر لم يكن من الشباب المعروف باهتمامه وتفاعله مع قضايا الشأن العام.
هناك شيء ما يتغير في ميادين الاحتجاج والتظاهر، وهذا التغير لا يقتصر فقط على الأساليب، وإنما يشمل أيضا الأشخاص، فأساليب الاحتجاج أصبحت اليوم أقرب إلى عمليات النهب والسرقة، والمحتجون ـ والذين هم في الأغلب الأعم من المراهقين ـ أصبحوا يأتون من الشوارع ومن عالم الجريمة بدلا من أن يأتوا من الأحزاب السياسية أو النقابات العمالية أو الحركات الشبابية.
إن هذا النوع من الاحتجاجات، والذي أصبح أقرب لعمليات السرقة والنهب، وإن هذا الصنف من المحتجين، والذي هو أقرب لعالم الجريمة من عالم السياسة، سيطرحان مشكلة كبيرة للأنظمة الحاكمة في الحاضر والمستقبل، وسيشكلان تحديا وتهديدا لتلك الأنظمة الحاكمة أقوى و أخطر من التحديات التي قد تطرحها قوى المعارضة ـ وبمختلف أشكالها وألوانها ـ لتلك الأنظمة الحاكمة.
إن الدرس الأول، والذي يجب على الأنظمة الحاكمة أن تأخذه من أعمال الشغب تلك، يمكن أن نلخصه في جملة واحدة : احتضنوا الشباب واخلقوا لديه أملا من قبل فوات الأوان.
إن أولى أولويات الحكومة الجديدة يجب أن يكون العمل على انتشال الشباب وخلق أمل لديه، وذلك من خلال العمل على:
1ـ مكافحة الجريمة وتفشي المخدرات في صفوف المراهقين والشباب؛
2ـ مواجهة البطالة وخلق فرص عمل للشباب؛
3ـ الحد من موجة الهجرة الشبابية إلى أمريكا.
هناك حزمة من الأفكار والمقترحات، والتي من شأنها أن تحد من تفشي الجريمة والبطالة والإحباط في صفوف الشباب، إن تم العمل بها. هذه الأفكار والمقترحات سنتركها لمقال قادم إن شاء الله.

حفظ الله موريتانيا…
محمد الأمين ولد الفاضل
elvadel@gmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى